السبت، 22 فبراير 2014

الرواية الإماراتية بين الحضور والغياب المشهد الإماراتي.. نشاطات ثقافية ومعارض كتب وجوائز للإبداع العربي


طامي السميري
    
زينب الياسي:على المبدع الإماراتي أن يحفر في الصخر حتى يظهر نتاجه للنور
لطيفة الحاج: أغلب الأسماء الإماراتية في مجال الرواية جديدة على الساحة
خالد الجابري: المرحلة الحالية تتميز بكثرة الإصدارات وكثرة القراء كذلك هل اكتفى المشهد الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة بلعب دور الحاضن للإبداع؟ حيث الفعاليات الثقافية ومعارض الكتب والجوائز الإبداعية . وهل لعب هذا المناخ المعبأ بالحالة الثقافية دوره في ازدهار الإبداع الإماراتي؟ وهل الرواية تحديدا كجنس أدبي سجلت حضورا إبداعيا حقيقيا. فالملاحظ أن الرواية الإماراتية ما تزال بعيدة إلى حد ما عن لفت الأنظار إلى حضورها الإبداعي وبعيدة عن لفت اهتمام القارئ. وفي هذا الاستطلاع لثقافة اليوم نرصد آراء بعض الأسماء الروائية تجاه المنجز الروائي الإماراتي:
* هو زمن الرواية كما يقال لكن الملاحظ أن فن الرواية في دولة الإمارات مازال بعيدا عن لفت الأنظار إليه . وان المنجز الروائي لم يتشكل بعد بشكل حقيقي. في تصورك لماذا الرواية الإماراتية لم تسجل حضورا في المشهد الروائي العربي ؟
- زينب عيسى الياسي باحثة وناقدة إماراتية : حين الوقوف عند الرواية كجنس أدبي يتطلب منّا الوقوف عند نقطة مهمة وهي أن جنس الرواية بشكل عام يتطلب عامل الاستقرار المكاني ليشكل حضوراً في الواقع، وفي مقدمة هذه القواعد: قاعدة الاستقرار ضمن كيان وطن ودولة مما يسهم في تفجر الإبداع الروائي، وهذا ما تحصّل لدولة الإمارات العربية المتحدة متأخراً مقارنة مع غيرها من الدول العربية؛ فإعلان الدولة الذي جاء في نهاية عام 1971م حتّم الكثير في المشهد الثقافي، إلى جانب هذا الأمر فإن قاعدة التعليم والتي هي لب المعرفة والثقافة قد تحصّل بعد قيام الدولة، بالتالي من خلال هاتين القاعدتين ومقارنتهما مع غيرهم من الدول العربية من الناحية التاريخية المرتبطة بالاستقرار والتعليم، نجد أن الرواية الإماراتية تسير وفق آلية منسجمة مع واقعها وتراكماته؛ فمن خلال أربعة عقود من الزمن وما يقارب الثمانين رواية أو يزيد يمكننا القول ان إبداعاً روائياً بحاجة إلى الالتفات إليه، وتسليط الضوء عليه، وجعله في دائرة الاهتمام كغيره من الإبداع الإماراتي وبالطبع هناك أسباب عدة أسهمت في عدم تسجيل الحضور للرواية الإماراتية في المشهد الروائي العربي منها ما يتعلق بالجهة الإعلامية والثقافية؛ فهي قد تنبهت لوجود مبدع إماراتي في وقت قريب، بينما كان لزاماً على المبدع الإماراتي أن يحفر في الصخر حتى يظهر نتاجه للنور، مما شكل عقبة أساسية تجاوزها بعض من كتاب الرواية وبعض آخر تخلى عنها وتجاوزها إلى أمور معيشية أخرى.
لطيفة الحاج روائية: لا يزال عدد كتاب الرواية قليلا في الإمارات وأغلب الأسماء الإماراتية في مجال الرواية جديدة على الساحة، مع العلم بأن هناك عدة محاولات لكتّاب لكنها لم تر النور، توجه الإماراتي لنشر الكتاب والعمل الورقي لم يكن متاحاً حتى وقت قريب، سبب ذلك قلة الدعم ودور النشر، كما أن ثقافة النشر نفسها لم تكن موجودة حتى وقت قريب.
* هناك العديد من الإصدارات الروائية في الإمارات . ما هي رؤيتك لتلك التجارب وفي تصورك ما هي ابرز ملامح تلك التجارب؟ وهل هي تمثل خصوصية ما في الفن الروائي؟ أم هي تجارب تقلد ما ينتج في دول الجوار؟
- زينب عيسى الياسي: إذا ما حصرنا عدد الروايات الإماراتية خلال عقود أربعة؛ فإن النتاج في الأعم الأغلب يسير في تطور وفي خط تصاعدي في التشكيل والمضمون، كما ان المشتغلين على الرواية لا تتجاوز تجاربهم التجارب الأولية واليتيمة في فن الرواية، إذا ما استثنينا بعض الروائيين، الذين يشكّل تراكم إبداعهم الروائي ظاهرة، مما يعني أن تصنيف التجارب سيأتي جزئياً وأولياً، إذا أردنا الحيادية والموضوعية.
إن الأعمال الروائية الإماراتية يمكن تصنيفها وفق مسارين:
المسار الأول: رواية تعد هي الاشتغال الأول أو العمل للروائي.
من حيث المضامين؛ فهي تتحرك في أفق الذاتية والتعبير الرومانسي عن قضايا شخصية، وإما تتحرك في أفق رومانسي متمازج بالتاريخ القريب لبناء الدولة، وفي سياق هذا الصنف جاء الأعم الأغلب من الأعمال الروائية، ومنها على سبيل المثال: طروس إلى مولاي السلطان لسارة الجروان، عيناك ياحمدة، رائحة الزنجبيل وغيرها.
أمّا صنف آخر، فقد جاء انعكاساً للواقع المعاصر وهمومه وتناقضاته، وما يعيشه الإنسان من تحوّلات في القيم والأفكار والثوابت، وقد عبّر عنه على سبيل المثال: رواية أجراس لزينب الياسي، وللحزن خمسة أصابع لمحمد حسن أحمد ومزون لمحمد عبيد غباش.
أمّا من حيث التشكيل الفني فجاء متفاوتاً، وبما أننا نتحدث عن التجارب الأولى؛ فإن التقليدية والبناء التتابعي سمة التشكيل الأبرز، وهذا لا يعد قصوراً إلا بدرجة ما، فعدم القصور يتأتى في أن العمل الأول والتجربة الأولى عادة ما تكون خالية من الخبرة وامتلاك الأدوات الفنية البنائية للنص الروائي، ولكن مكمن القصور في أن الكاتب يغفل المنجز الروائي الخليجي والعربي، الذي خاض في غمار التجريب والتحديث والحداثة، بحيث يمكن للكاتب الإماراتي أن يستلهم من تجربة الأدباء الآخرين بحيث يتجاوز مرحلة التقليد إلى مرحلة الوعي بأهمية التجديد الفني والتشكيلي للنص بما يتوافق مع الحراك الفني الروائي العربي والعالمي، ومن زاوية أخرى يكون هذا التجديد مواكباً للحراك التقني المتجدد الذي يشهده العالم، فلا يأتي التخلف والتراجع الكتابي بينما يقفز الإبداع الدرامي والسينمائي فيستقطب المتلقين.
ولا أنسى هنا أن أشيد برواية للحزن خمسة أصابع للإماراتي محمد حسن أحمد، حيث وظّف الإمكانات والوعي الدرامي والسينمائي الذي يمتلكه فجاء نصه الروائي الأول من حيث تجربته لكنه يرقى لأن يصنّف كنص قدّم توليفة دقيقة بين الرواية والتصوير السينمائي.
المسار الثاني: الروائي ذو الاشتغال المتعدد أو ذو تجارب روائية متعددة.
و هذا المسار ينطبق على عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، من أمثال: الدكتور الشيخ سلطان القاسمي، وعلي أبو الريش، وسارة الجروان ومريم الغفلي.
فروايات الدكتور سلطان القاسمي قد أخذت منحى التاريخ وإعادة توظيفه بحيث تتمكن الأجيال من الوعي بالتاريخ وشخوصه والاستئناس بتجارب أهله للتطلع نحو المستقبل بوعي كما في رواية الشيخ الأبيض.
أمّا التشكيل الفني فيعدّ تتبعياً وهذا ما يفرضه البعد التاريخي ، الذي يتطلب المواءمة بين الحركة التاريخية وبناء الشخوص وبموازاته تراكم الوعي لدى المتلقي.
أما روايات الأديب علي أبو الريش فهي ترسم بعداً آخر من حيث المضامين؛ فالحفر في خبايا الذات والوقوف عند تأزماتها والحفر في أعماق النفس البشرية كما في رواية نافذة الجنون يعد سمة الأديب الغالبة.
بينما تأتي تجربة سارة الجروان ومريم الغفلي في سياق التعبير الفني التتبعي الذي حمل سمات الإحكام والإتقان بحيث جعل من نصوصهم تمتلك الفكرة الناضجة والحبكة الموفقة ومن جانب آخر تركيزهم على رسم طوبوغرافيا شبه متكاملة لأمكنة الرواية.
وفي هذه الزاوية يمكننا القول إن بعض التجارب الإماراتية أدركت أهمية رسم الأمكنة الإماراتية ولك سعياً للخصوصية التي يمتاز بها المكان كعنصر فني، بينما جاءت بعض التجارب مستفيدة من العنصر الزمني فبنت نصها وفقه وبهذا منحت نصها الخصوصية المتفردة والتي جعلت منه نصاً محلياً يلامس أزمنة وأمكنة واقعية محددة، فمنح الخصوصية والفرادة للرواية الإماراتية.
- لطيفة الحاج: أعترف أنني مقصرة في اطلاعي على تجارب أبناء وبنات بلدي في مجال الرواية، حكم مسبق على تجارب أتخيل أنها تقليد لما ينتج في دول الجوار، لكن هنالك أسماء تميزت بطابعها الخاص وكونها تعكس تفاصيل الحياة والصراعات في المجتمع الإماراتي، أذكر منها روايات مريم الغفلي. 
خالد الجابري: في الفترة الحالية ظهرت العديد من الإصدارات الروائية الإماراتية، وربما كانت المرحلة الحالية تتميز بكثرة الإصدارات وكثرة القراء كذلك، فلقد تكونت شريحة قراء جديدة لم تكن موجودة من قبل. فما اذكره في طفولتي هو قلة الإقبال على القراءة بشكل عام وقلة الكتاب كذلك مما جعل بعض الكتّاب يعيشون في أبراجهم العاجية وينعزلون عن المجتمع في كتاباتهم. أنا متفائل بالمرحلة القادمة وبالكتّاب الشباب مهما كان مستوى كتاباتهم، فالمطلوب حالياً هو صناعة جو أدبي إماراتي. لديّ الكثير من النقد تجاه بعض الأعمال الروائية الشابة من ناحية الأسلوب وتناول الموضوع وحبكة الرواية وغيرها، لكن بالنسبة لي هذا لا يهم كثيراً خاصة في المرحلة الحالية، فالجمهور سوف يساهم بشكل ما في إبراز الكتّاب الموهوبين، وكاتب لا يروق لك لا يعني انه لا يروق لغيرك. بعض ملامح بتلك التجارب هو تعمقها في المحلية أكثر على عكس بعض الأعمال السابقة لكتاب مخضرمين كانت متأثرة بالتجارب العربية المشهورة. بعض تلك التجارب يستخدم كذلك اللهجة المحلية ويبرز مشاكل العصر الحالي، وبعضها الآخر يسرد مرحلة تاريخية معينة كما هو الحال في رواية "الياه" لهدى سرور
* برغم وجود جائزة البوكر في دولة الإمارات إلا أن هذه الجائزة لم تشكل دافعا للروائيين والروائيات الإماراتيين للكتابة الروائية المميزة. كيف هي رؤيتك لتلك الجائزة وأثرها على الرواية الإماراتية؟
- زينب عيسى الياسي: احتضان وطني دولة الإمارات لجائزة البوكر العربية هو دلالة وعي المؤسسة الثقافية بأهمية احتضان هكذا جوائز من أجل الحراك الثقافي العام ومن أجل الحراك الثقافي المحلي والخاص، ووعي وإدراك لأهمية الرواية كجنس أدبي، فهذه الجائزة شكلت حافزاً لدى أدباء الإمارات من ناحية عدم الاكتفاء بالاختصاص؛ فغالبية كتّاب الرواية هم بالأساس كتّاب قصة قصيرة فالقصة القصيرة الإماراتية ذات ظاهرة لافتة في الإمارات من ناحية كاتباتها ؛ فجاءت هذه الجائزة لتحفز وتسترعي اهتمام وتطلع الإماراتي لخوض غمار التجريب ومقاربة هذا الجنس الأدبي، فظهرت العديد من الأقلام والعديد من كتّاب الرواية، الذين نأمل أن تكون هذه الجائزة وغيرها من الجوائز هدفاً ومنارة يهتدون بها من أجل الارتقاء بمستوى أدائهم والحفر في القضايا الفكرية والإنسانية بعمق يتلاءم مع فن الرواية وعدم استسهال هذا الفن.
لطيفة الحاج: على الرغم من وجود أسماء روائية إماراتية عديدة يظل الكاتب الإماراتي مترددا في التنافس على إحراز الجوائز، لكنني متفائلة بعد الإعلان عن جائزة الامارات للرواية، التنافس محليا سيمهد للتنافس عربيا ودوليا. والبوكر ليست الجائزة الوحيدة في الإمارات، وفوز الكويتي سعود السنعوسي وهو اسم روائي جديد على الساحة، أظنه سيفتح الباب لكثير من الشباب للتنافس، في الإمارات وخارجها. 
خالد الجابري: بالنسبة لجائزة البوكر فهي جائزة عربية، وعدم حصول رواية إماراتية على شرف هذه الجائزة لا يدل بالضرورة على ضعف مستوى الرواية في الإمارات، بالنسبة لرأيي الشخصي ربما يدل على قلة الأعمال الروائية الإماراتية حيث إن اغلب الكتّاب يفضلون فن الخاطرة والمقال والقصة القصيرة، فالعمل الروائي في رأيي هو من أصعب الفنون الأدبية على الإطلاق. أتوقع مع ازدياد عدد الروايات الإماراتية ستظهر روايات جيدة وأخرى سيئة، ومن بين كل تلك الروايات ستظهر أعمال عظيمة ستخلد بالبوكر او بغيرها، وأعمال أخرى سيطويها النسيان.
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق