هناك عملية «مسرحة» متعمدة للجائزة للاستحواذ على الرأي العام.. البازعي لـ «عكاظ»:
المنافع الربحية لدور النشر جزء من البنية الهيكلية لـ «البوكر العربية»
بات من المعهود كل عام، ومنذ انطلاق الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» قبل سبع سنوات، تفجر الجدل حول معايير التحكيم التي تنتهجها الجائزة، عند بداية الإعلان عن كل دورة، وازدياد حدته بوتيرة تنحو إلى الصخب كلما اقترب موعد الإعلان عن الفائز، حتى تحولت الدورات إلى مواسم لممارسة الهجاء والسخط من قبل مناوئي الجائزة التي تلتزم الصمت دائما ولا تنبس ببنت شفة عن موقفها، إلا من خلال أعضاء لجنة التحكيم الذين يتوارون خلف ستار من السرية إلى يوم الإعلان عن روايات القائمة القصيرة. وأمام محورية الالتباس الذي يكتنف عمل لجنة التحكيم، لم يكن من الصواب غض الطرف عن تأثير ذلك الالتباس ضمن نظر «عكاظ» في المبررات الموضوعية لهذا الجدل، وحول ذلك نفى رئيس لجنة التحكيم في جائزة «البوكر» الناقد الدكتور سعد البازعي وجود أي معايير ثابتة وقاطعة في نقد الأدب، كاشفا عن أن اللجنة استبعدت أكثر من 100 رواية لم تر أنها جديرة بالمنافسة لكثرة العيوب التي تعتريها، وأنها استخدمت وسائل الاتصال الإلكتروني في تبادل الرؤى حول تقييم الأعمال، معتبرا أن قيمة الروائي تقاس بمدى قدرته على التعبير عن المستجدات المعاصرة. فإلى تفاصيل الحوار:
• رفضت الطعن في حياد أعضاء لجنة تحكيم جائزة البوكر واتهامهم بالتحيز المناطقي والسياسي، وهذا يضعنا ابتداء أمام أولى الإشكالات المثارة حول التحكيم في الجائزة، والمتمثلة في التساؤل عن المعايير المعتمدة في تقييم الروايات المتقدمة للجائزة؟
لا توجد معايير بالمعنى الذي طرحت، فمفهوم المعايير مفهوم علمي لا ينطبق على الدراسات الأدبية أو العلوم الإنسانية، هناك بديل عن ذلك خطوط عامة ومؤشرات، ونحن كدارسي الأدب نعلم أننا ليس لدينا معايير كتلك التي يستخدمها الكيميائيون في قياس المواد والعناصر، بحيث نزن بها هذه الرواية ونقيم بها تلك، والمقاييس الأدبية هي تلك المعايير المتعارف عليها ومنها جمال الأسلوب وسلامة اللغة، لكن تقييم العمل وتفضيل رواية على أخرى يخضع إلى حد كبير للرؤية الشخصية، فليس هناك معايير ثابتة قاطعة في نقد الأدب، وهذا الذي يجعل من الضروري تغيير لجان التحكيم في جائزة البوكر باستمرار، الأمر الذي يترتب عليه تغير في الأحكام أيضا، فالعمل الذي تراه اللجنة متميزا، قد لا يحظى بذات التقدير من لجنة أخرى، وهذا يعني أن أي عضو في لجنة التحكيم تكون له رؤيته الخاصة للرويات المقدمة، هذا إذا استثنينا القيم الأدبية الأساسية التي أشرت إلى بعضها ومنها في الرواية تماسك السرد، وأهمية الموضوع.
التحيز الشخصي
• يعزز نفيك وجود معايير ثابتة قاطعة في تقييم الروايات، ما ذهب إليه البعض من أن معايير التحكيم تتغير من دورة لأخرى حسب ذائقة اللجنة فما رأيك؟
لجنة التحكيم ذكرت هذا الرأي وتتفق معه ولا تجد فيه اتهاما، وإنما الاتهام الذي وجه إليها تمثل في اتهام أعضائها بالتحيز ضد أعمال بعينها بناء على الهوى ودون مبرر موضوعي، واللجنة إزاء الرد على هذه الاتهامات قادرة على الدفاع عن اختياراتها دفاعا نقديا، ولكن دون أن تكون هناك معايير بالمفهوم العملي الدقيق للكلمة، لأن الأدب يخضع للذوق في نهاية الأمر، والعامل الشخصي يلعب دورا دائما في الأحكام الأدبية، لكن ذلك لا يعني توفر إمكانية لاختيار عمل ضعيف لغويا أو مهلهل.
• على أثر إشارتك إلى تأثير العامل الشخصي، ما مقدار النسبة التي يمثلها ذوق المحكم وتحيزه الشخصي في تقدير جودة الرواية؟
هي نفس النسبة التي يمثلها ذوق الناقد عندما يكتب عن عمل أدبي، فأنا عندما أكتب ورقة بحثية أو أقدم قراءة نقدية في محفل ما، أنظر إلى العمل الأدبي من عدة زوايا، لا يهيمن عليها الذوق، وإلا سيطرت السمة الانطباعية على طابع الكتابة، فهناك قيم أدبية ومؤشرات عامة تلعب دورا كبيرا في نقد الأدب، ولا أستطيع أن أعطيها نسبة معينة لكن لا شك أنها تحظى بنسة كبيرة في تقييم الأعمال الأدبية، وهي تشكل انطلاقتي في حكمي على العمل، فالنقد الأدبي فيه نسبة من العلم ونسبة من الثقافة المشتركة، وفيه مساحة للاختلاف، وإلا ما تميز النقاد بعضهم عن بعض في ذائقتهم على تسليط تلك القيم على النصوص ومطالبتها بأن تستجيب لما نعتبره عملا أدبيا متميزا.
• في ضوء ما ذكرت، هل يمكن القول أن التحيز الشخصي للمحكم يمثل نصف تقديره لجودة الرواية؟
أعتقد أنه قد يمثل أقل من النصف، وربما أقل من الربع، لأن النقد الأدبي كأي علم إنساني متحيز، وينطوي على تحيزات خاصة بعضها شخصي وبعضها ثقافي ينتمي للثقافة نفسها، ويأتي من الموروث أو مما تشربه الناقد منذ صغره، فالتحيزات تؤثر في تقييم جودة الرواية باعتبارها جنسا أدبيا لكن النقاد يتفاوتون في ذلك، وفي اعتقادي أن الجانب المعرفي يجب أن يطغى على الكتابات النقدية والدراسات الأدبية. وفي هذا السياق، أذكر أن لجنة التحكيم تضم ثلاثة أكاديميين درسوا وألفوا في هذا المجال ومن المستحيل أن يحتكم هؤلاء إلى ذائقتهم الصرفة، وحتى لو أرادوا فلن يستطيعوا لأنهم تشربوا نظريات ومناهج وقيما أدبية تؤثر في حكمهم وتدفعهم إلى البحث عن المميز.
القيم الثلاث
• ذكرت أن روايات القائمة الصغرى حظيت بترشيح أعضاء اللجنة بفضل قدرتها على التجديد ونقل السرد الروائي إلى آفاق حديثة متجاوزة الرواية الكلاسيكية والمحفوظية، فماذا تقصد بالقيم الثلاث، التجديد والنقل والتجاوز؟
القيم الثلاث تشير إلى مدى قدرة الكاتب على الابتكار وبث روح مختلفة، تنقل الرواية وتجعلها أقدر على التعبير عن ظروف الكاتب ومتغيرات المرحلة، وهي قيم أدبية أعتقد أنها محل اتفاق من الكثيرين في التقييم، ولكي يكون الروائي مبدعا على نحو ما ذكرت، يجب أن يتجاوز السابق من خلال الإضافة، والنقل إلى مرحلة جديدة عبر اقتراح أساليب لم تكن سائدة، تقاس قيمتها بمدى قدرتها على التعبير عن المستجدات المعاصرة، وهذه القيم الثلاث تعد هامة بالنسبة لشتى مجالات الإبداع على اختلاف أجناسها وليست قاصرة على الرواية.
• وهل جرى توافق أعضاء اللجنة على هذه المعايير الثلاثة لا سيما أنها لا تندرج ضمن معايير التقييم التي ذكرتتها آنفا، وهي أقرب إلى ما يسمى بـذائقة اللجنة؟
نعم، جرى التوافق عليها، وإلا لما كان هناك اتفاق على الروايات المختارة في القائمتين الطويلة والقصيرة، فالمفترض بالنسبة للجنة تحكيم البوكر - وهي ليست بدعا في هذا – أن تناقش الأعمال المقدمة عبر الجدل والحوار، بحيث تتمخض عن ذلك رؤية نقدية مشتركة يغلب عليها التوافق، وليس شرطا أن يتفق عليها جميع أعضاء اللجنة بذات الدرجة.
القراءة بطرق مختلفة
• بالنظر إلى عدد الروايات المشتركة في الدورة الحالية للجائزة والبالغ 156 رواية، كذلك المدة المتاحة أمام اللجنة للتقييم وهي ستة أشهر تقريبا، أي بما يعادل يوم وخمس ساعات على الأكثر لكل رواية هذا إذا كان هناك تفرغ، ألا تكشف تلك الحقائق والمستندة إلى استحالة قراءة رواية كل يوم عن أن كل الروايات لا تقرأ؟
صحيح، لكن أشير إلى أن بعض الروايات التي وصلتنا لم يتجاوز عدد صفحاتها السبعين صفحة، وفي المقابل كانت هناك روايات كبيرة، فليست كل الروايات واحدة، وليست كلها تستحق حتى يوما واحدا، وهي تتفاوت في ذلك.
• أمام هذا التفاوت في الحجم، هل قرأت جميع الروايات؟
نعم الروايات كلها تقرأ، لكن تقرأ بطرق مختلفة، فهناك قراءة متمعنة وهناك قراءة سريعة، وهناك قراءة تقف عند الصفحة وتعود لقراءتها مرة أخرى، وهناك نصوص لا تدعوك إلى مثل هذه القراءة المتمعنة، فالصفحات الأولى من بعض الأعمال لا تشير إلى أن هذه روايات، وحتى لا يمكن اعتبارها كتبا في مجالات أخرى، وبناء على ذلك يستطيع المحكم أن يشكل فكرة عن العمل من خلال الصفحات الأولى، فبعد قراءة عشر أو عشرين صفحة، تتبين المعالم الأولى، وعبر الحوار بين أعضاء اللجنة حول هذه الأعمال، تصل اللجنة إلى وجهة نظر نهائية، وأؤكد أن كل الروايات المقدمة خضعت للنقاش ولكن ليس بالضرورة أن تكون كل الروايات قد قرأت ابتداء من الصحفة الأولى حتى الأخيرة بنفس القدر من الاهتمام والتمعن، ومن السذاجة القول أن كل الروايات قرأت بنفس القدر من الاهتمام، فهناك روايات ما كان ينبغي أن تنشر في الأصل وهذه النوعية لا تستحق أن يرهق عضو اللجنة نفسه في التمعن والبحث لكي يكتشف هذا، وأعتبر أن الحكم على الروايات من اللجنة كان منصفا طالما أنها أعطيت الوقت والاهتمام الذي تستحق منذ البداية، لكن ليس من الممكن أن أقرأ بعض الروايات - وأنا أمامي الآن روايات صغيرة وقيمتها الأدبية تافهة - كما أقرأ لواسيني الأعرج أو إبراهيم نصرالله أو إبراهيم عبدالمجيد، فالأعمال منذ بداياتها تقول لك اقرأني أو لا تقرأني.
• هل يفهم من ذلك دكتور سعد أن المقصود بالقراءة الاطلاع وليس شرطا أن تقرأ قراءة عادية؟
نعم، هناك روايات لا تستدعي القراءة بالكامل، فلو كانت عندي صفحة ضعيفة حتى لو كانت البقية ممتازة فالعمل لا يستحق الحصول على جائزة البوكر بكل تأكيد، فضعف نصف الرواية وامتلاؤه بالأخطاء اللغوية، أو غياب بعض الصفحات، حيث وصلتنا روايات بها صفحات ممسوحة وأخرى بها أسطر مطبوعة خطأ، وهذه الروايات لا تستطيع أن تدخلها في أي مسابقة لأنها حتى لم تراجع من الناشر أو المؤلف، وأعتقد أن جميع أعضاء اللجنة بذلوا جهدا في القراءة، ولا شك أن بعضنا قرأ كل شيء وبعضنا قرأ كل ما استطاع أن يقرأ، لكن كل الأعمال أخذت بعين الاعتبار، ولم يستبعد أي عمل أو يرفض دون أن يطلع عليه، فالناشرون يرسلون أعمالا كثيرة ومن الطبيعي أن تكثر الأعمال، ونحن اقترحنا على مجلس الأمناء أن يكون هناك استبعاد منذ البدء للأعمال التي يرد فيها أخطاء طباعية، أو الأعمال الضعيفة جدا، تجنبا لإضاعة الوقت، ووعد المجلس بالنظر في هذا المقترح.
التقارير غير العملية
• ذكرت أن لجنة التحكيم اطلعت على كل الروايات المشاركة، فلماذا لا تنشر التقارير الصادرة عن المحكمين بالنسبة لكل رواية كما يطالب الروائيون المشاركون؟
ليس مطلوب من لجنة التحكيم كتابة تقرير عن كل رواية، ومن غير العملي كتابة تقرير عن 156 رواية، فضلا عن أن هناك أعمالا لا تستحق كتابة تقرير، وإذا كان الروائيون مصرون على هذا المطلب فلا يرسلوا أعمالهم، فهم ليسوا مجبرين على الاشتراك في البوكر حتى يشترطوا مثل هذا الشرط، من الممكن أن يطلب التقرير عن روايات القائمتين الطويلة والقصيرة، وإذا كان هناك روايات يرى أصحابها بأنها جديرة بالاختيار فليقولوا لماذا يرون أنها جديرة؟ وسترد لجنة التحكيم من وجهة نظرها.
• هل تطلعنا على المنهج الذي اتبعته في قراءة روايات الدورة الحالية؟
المنهج الذي اتبعته في قراءة الروايات، هو المنهج الذي أتبعه في نظريتي النقدية، أقرأ صفحة صفحة، وأبحث في قيمة العمل شكلا وموضوعا، أنظر في الأسلوب، وفي القضية التي يتناولها العمل الأدبي، وفي كيفية تناول الكاتب لموضوعه من الناحية السردية، لأن الرواية كنص سردي لها قيمها الجمالية التي تختلف عن القصيدة وعن المسرحية، ولذلك أنظر في رسم الأشخاص والمهارات السردية الموظفة، وتعدد الأصوات، ومن هو الراوي؟ هل هو الراوي العليم؟ وهل هناك نسبية في الرواية بمعنى أن الواقع ينكشف من خلال وجهات نظر متعددة أم من وجهة نظر واحدة، هذه كلها من السمات التي أبحث عنها في أي رواية، حيث إنني من المؤمنين بانتهاء زمن السارد العليم، فلا أستطيع أن أتقبل رواية أجد فيها الكاتب هو نفسه الذي يتحدث ويروي لي القصة، وأميل أكثر إلى رواية أكثر صدقية وأكثر واقعية في نظرتها للحياة حيث الحقيقة نسبية، وهذه من القيم المهمة في العمل الروائي بشكل خاص، لأن الرواية عمل - كما يقول بختين - عمل متعدد الأصوات يسمح بتعدد الرؤى للواقع، فعندما يأتي عمل يكتب بنفس الطريقة التي كان يكتب بها تولستوي أو بلزاك أو نجيب محفوظ في رواياته التقليدية، أطالب الروائي بأن يعيد النظر في طريقته ويتمثل المتغيرات الفكرية المعاصرة في تناوله للقضايا التي يطرحها، وأؤمن من ناحية أخرى، بأن الرواية يجب أن تكون ممتعة لا أن تكون ثقيلة ومملة حتى لو كان الموضوع مهما، فتسلسل الأسلوب وسلامة الجمل وحسن سبك اللغة مما يستمتع به قارئ الأدب، ولا ينبغي التهاون فيها.
توظيف وسائل الاتصال
• في إطار تسليط الضوء على أسلوب عمل لجنة تحكيم البوكر، كم عدد اللقاءات التي تجريها اللجنة في كل مرحلة من مراحل الجائزة؟
عدد اللقاءات المعتمدة لكل المراحل ثلاثة لقاءات، الأول لاختيار القائمة الطويلة، والثاني لاختيار القائمة القصيرة، والأخير لاختيار الفائز.
• وهل لقاء واحد يكفي لكل مرحلة؟
نعم، حيث نلتقي في يوم واحد، نتهيأ له بإعداد القوائم التي اختارها كل منا، ويطرح كل منها وجهة نظره حول القائمة التي اختارها، وقد يطول اللقاء لساعات طويلة ولكنه ينتهي في يوم واحد نخرج منه بالقائمة النهائية لكل مرحلة، لكنني أريد أن أضيف أن وسائل الاتصال الحديثة الآن جعلت من السهل التلاقي باستمرار، فتوفر البريد الإلكتروني والإسكايب يعزز من التواصل.
• وهل وظفتم كأعضاء اللجنة هذه الوسائل في تقييم الروايات؟
نعم، استخدمناها وتبادلنا وجهات النظر حول الأعمال، ولقد كان النقاش النقدي مستمرا بيننا طوال فترة التقييم، وأعتقد أن توظيف وسائل الاتصال في عمل اللجنة سيزداد في السنوات القادمة، وربما تلغى الاجتماعات الأولى وتحل محلها اللقاءات التليفزيونية عبر تقنية Video Conference.
• وهل تدون هذه النقاشات عبر وسائل الاتصال ضمن سجلات لجنة التحكيم؟
الحقيقة أنها مستجدة، وأعتقد أنها طبقت هذا العام لأول مرة.
• هل يعني ذلك أن الاستعانة بوسائل الاتصال الحديثة كان إجراء تنظيميا مقررا من قبل إدارة الجائزة في هذه الدورة؟
- لجنة التحكيم تتصرف كما تشاء وليس لها علاقة في هذا الشأن بمجلس الأمناء، فعمل اللجنة مستقل، لذلك فما تتخذه لجنة التحكيم من قرارات وما تختاره من إجراءات متروك لها، على أن تلتزم بضوابط الجائزة مثل الالتزام بعقد اللقاءات الثلاثة التي تحدثنا عنها آنفا.
مداولات التحكيم
• في معرض إشارتك للقاءات، هل تذكر لنا كيف تحسم مداولات أعضاء اللجنة حول الروايات المختارة في كل مرحلة؟
- تحسم من خلال النقاش في اللقاءات، وإذا اضطررنا في حالة الخلاف نلجأ للتصويت، فنحن خمسة ومن المستحيل أن تخرج نتائج التصويت متساوية، لكننا لم نلجأ إلى التصويت إلا مرة واحدة وفي عمل واحد فقط والبقية جرت بالتوافق.
• وما هذا العمل؟
- لا أستطيع أن أخبرك به، فأمانة العمل لا تسمح لي بذلك، حتى لو ذكرته لك لا يجدر بك أن تعلنه.
حيلة القوائم
• من واقع رئاستك للجنة وفي ضوء اشتغالك بالنقد، ما تقييمك للأداء النقدي للجنة البوكر؟
- جائزة البوكر لها ما لها وعليها ما عليها، فهي ليست جائزة خالية من كل نقص، فهناك وجوه نقص فيها، وهي في النهاية اجتهاد، لكن على الرغم من كل ذلك تعد إضافة نوعية للجوائز العربية بدليل الإثارة التي تحدثها كل عام، وأعتقد أن الأسلوب المتبع والمتمثل في القائمتين الطويلة والقصيرة، هو الحيلة التي جعلت الجائزة تستحوذ على الرأي العام عبر الإعلام لأنها تخلق حالة من الترقب، ومن ناحية أخرى، هناك مصالح اقتصادية ترتبط بالناشرين تترتب على قوائم الجائزة.
• إذن دعنا نتوقف قليلا عند هذه اللفتة المهمة التي أشرت فيها أن إلى انتهاج أسلوب القوائم يتفيأ تحقيق مصالح اقتصادية للناشرين، هل تؤكد أن أسلوب القوائم يرتبط بتحقيق مصالح الناشرين وليس نابعا كما كان معتقدا من مطلبات نقدية بحتة؟
- القوائم مدفوعة في الأصل بدافع اقتصادي، فالناشرون لديهم أعمال يريدون أن يسوقوها وهذا هو الهدف، لكن النقاد لهم وجهة نظر أخرى، ولا يتفقون مع الناشرين، فكل يعمل لمصحته، حتى المؤسسات الثقافية الكبرى لها مصالح قد تكون سياسية أو اقتصادية، فالمصالح موجودة دائما لكن الرؤية النقدية التي يحتكم إليها لها أيضا وجهة نظر وقد لا تخضع لهذه المصالح.
• في ضوء ما ذكرت أيضا دكتور سعد عن حضور العالم الاقتصادي في بنية الجائزة، وقبل أن نغادر هذا الموضع، هل تؤكد ما ذهب إليه البعض من أن دور النشر الكبرى من أمثال داري الشروق والآداب ترتهن الجائزة وتهيمن على كل دوراتها، وأن هناك علاقة تماس ما بين الجائزة ودور النشر؟
- أعتقد أن كل أعضاء لجان تحكيم دورات الجائزة هم رجال محايدون محترمون ولا ينظرون إلى الدار الناشرة للعمل، والاحتمال الأقوى أن ينظروا إلى المؤلف أكثر مما ينظروان إلى دار النشر، وأعتقد أيضا أن علاقة دور النشر بالجائزة لا تمر عبر لجنة التحكيم، وإنما عبر البنية الهيكلية للأسلوب المتبع في التقييم عبر مراحل الجائزة كما ذكرت سلفا، والمدعوم بما أسميه بـ «عملية مسرحة الجائزة»، والمتمثلة في فرض السرية على أسماء لجنة التحكيم حتى موعد إعلان القائمة القصيرة بل حتى قبل المؤتمر الصحفي تظل الأسماء غير معلنة ثم يدخل أعضاء لجنة التحكيم وينكشف الستار عنهم، وهذه الجوانب الممسرحة من الأمور التي تلفت نظر الإعلام، واتضح أن لها تأثيرا على المتلقين في تلهفهم على التعرف على أسماء لجنة التحكيم، مثل تلهفهم على التعرف على الروايات المختارة.
استبعاد 100 رواية
• سبق لسلفك في رئاسة لجنة التحكيم الدكتور جلال أمين أن قال، إن نصف كتاب روايات البوكر لا يتمتعون بأي موهبة، فما تقييمك لجودة روايات هذه الدورة؟
- أؤكد أن النسبة أكثر من النصف، وصلت 156 رواية استثنيا أكثر من مائة منها وجدنا أنها غير جديرة بالمنافسة، بعضها يعاني من الترهل، وبعضها يصعب تصنيفه كرواية، فما بالك في أن تدخل في القائمة الطويلة أو القصيرة، ومقابل هذا الركام استبقينا 50 رواية.
• وماذا تقصد بالاستثناء؟
- أقصد استبعاد تلك الروايات من التقييم للقوائم، ولقد اتخذ هذا الإجراء بعد الاطلاع عليها.
• ما تقييمك لدور جائزة البوكر في حركية الرواية العربية وكذا المشهد الثقافي العربي؟
- أعتقد أن الحكم على الجائزة الآن قد يكون متعجلا، لأن عمرها ما زال سبع سنوات فقط، ولا يمكن حساب تأثيرها على المدى البعيد خلال هذه المدة، ورغم ذلك فتأثيرها السريع يتمثل في ترجمة وإعادة الطباعة وانتشار العديد من الروايات العربية، مما عزز من حضورها في المشهد الثقافي العربي والعالمي، وكمثال لذلك ترجمة رواية «عزازيل» للروائي يوسف زيدان إلى 40 لغة أجنبية.
• في ضوء ما ذكرت عن تأثيرها، ما توقعاتك لمستقبلها؟
- أعتقد أن «البوكر» ستستمر طالما استمر دعم هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة لها، وبدون هذا الدعم سيفتقر العالم العربي إلى مثل هذه الجوائز، ولكنني أتمنى أن تعتمد الجائزة على مصادر تمويل داخلية تضمن لها الاستمرار، مثل «البوكر» البريطانية التي تحولت إلى مؤسسة تمتلك مصادر خاصة ولا تحتاج إلى دعم خارجي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق