منقول
يوم أمس الأربعاء، وفي مساء الشعر وفيض المشاعر؛ التقى على خشبة مسرح شاطئ الراحة خمسة شعراء من أصل خمسة عشر شاعراً تأهلوا إلى المرحلة الثالثة من مراحل الموسم السادس من مسابقة "شاعر المليون" التي استطاعت أن تجعل الشعر الشعبي في متناول كل ناطق بالضاد من خلال بثها على شاشات التلفزة إذ تبثها على الهواء مباشرة قناة أبوظبي – الإمارات وتعاد على ذات القناة وعلى قناة بينونة، وترفع على موقع يوتيوب، ومواقع التواصل الاجتماعي، صورة أو صوتاً أو صورة وصوتاً.
قبل انطلاق أحداث الحلقة الحادية عشر من برنامج "شاعر المليون"؛ التقى الشاعر والإعلامي عارف عمر ود. ناديا بوهنّاد، ليتحدثا عن صعوبة المرحلة الثالثة، وعن الشعراء المشاركين في حلقة ليلة أمس، كما أطل مُقدّما البرنامج حسين العامري وشيما ليعلنا عن آخر شاعرين اختارهما الجمهور بالتصويت عبر رسائل الـsms عن الحلقة الماضية، ليفوز محمد العرجاني من البحرين بنسبة 76%، وليأتي ثانياً علي القحطاني من الإمارات بفارق عشر درجات، حيث حصل على 62%، أما عبدالله المطيري من السعودية الذي وصلت نسبته إلى 48% فقط؛ فقد تمكّن من كسب البطاقة الأخيرة من بطاقات التثبيت التي كانت تملكها لجنة التحكيم المكونة من د. غسان الحسن، سلطان العميمي، وحمد السعيد.
وهكذا أسدل الستار على المرحلة الثانية بفوز شاعر بحريني وآخر إماراتي، وثالث سعودي لينضموا بذلك إلى الشاعر العراقي هلال صلفيج الذي كانت قد منحته لجنة التحكيم في حلقة الأسبوع الماضي 48 درجة من أصل 50.
فيما غادر مسرح المنافسة حامد الكوكو من سوريا، وسعيد الحجري من سلطنة عمان، وعساف التومي من السعودية بذات النسبة 46%.
المرحلة الثالثة
بينما ضَمَن كامل البطحري تأهله إلى نهائيات المسابقة إثر حصوله على 48 درجة من درجات لجنة النقد والتحكيم؛ فقد حصل أحمد المجاحمة/ الكويت على 44 درجة، وموطنه عبدالله الهذّال على45 درجة، ووصلت درجات مستور الذويبي العتيبي/ السعودية إلى 46 درجة، ومثلها ذهبت لمِذْكِر الحارثي/ الإمارات الذي كانت له الغلبة في تصويت جمهور الموقع الإلكتروني إذ منحه 77%، في حين حصل كذلك على 72% من تصويت جمهور مسرح شاطئ الراحة.
فيما غادر مسرح المنافسة حامد الكوكو من سوريا، وسعيد الحجري من سلطنة عمان، وعساف التومي من السعودية بذات النسبة 46%.
المرحلة الثالثة
بينما ضَمَن كامل البطحري تأهله إلى نهائيات المسابقة إثر حصوله على 48 درجة من درجات لجنة النقد والتحكيم؛ فقد حصل أحمد المجاحمة/ الكويت على 44 درجة، وموطنه عبدالله الهذّال على45 درجة، ووصلت درجات مستور الذويبي العتيبي/ السعودية إلى 46 درجة، ومثلها ذهبت لمِذْكِر الحارثي/ الإمارات الذي كانت له الغلبة في تصويت جمهور الموقع الإلكتروني إذ منحه 77%، في حين حصل كذلك على 72% من تصويت جمهور مسرح شاطئ الراحة.
انسكاب الشعر
في حلقة ليلة أمس كان أحمد المجاحمة أول شاعر يطل على جمهور شاطئ الراحة في الحلقة، وقد ألقى قصيدته التي تناول فيها المرحلة الثالثة من مسابقة "شاعر المليون" وهي المرحلة ما قبل النهائية، بالإضافة للحديث عن بلده الكويت التي يفخر بها، ملتزماً بالمعيار الأول لهذه المرحلة، والذي يُلزم الشعراء الخمسة بقصيدة حرة الوزن والقافية والموضوع، يتراوح عدد أبياتها بين 10 و15 بيتاً، وقد قال المجاحمة في مطلع نصه:
هنا الشعر الحقيقي وانسكاب الذّات للجمهور
تقاسمنا عيونه بين مرضيه ونقّاده
هنا نشطب ملامحنا ونتشك!ل ورق وسطور
هنا يتفاخر الحرف الجديد بيوم ميلاده
هنا خمسة عشر كوكب على شمس المصير تدور
أياديهم تصافح بعضها والنار وقّاده
وإلى بلده الكويت توجّه برسالة وفاء إذ قال:
بلادي قدمتني للمعالي بأول طابور
وجيت حصان لبلادي ما جيت حصان طروادة
سماها لمطرت يلفي علي من الخشوع شعور
واحس ترابها عند السجود يصير سجادة
فديناها بوقت الشدّة وصرنا عليها سور
ويلين الحين وبطون الكويتيات ولّادة
ثم ختم بمديح صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت حين قال:
وقف كل الخليج وقال له يا درعنا مشكور
ترى ما هي غريبه حكمته دايم ولع عاده
عسى ربي يطوّل عمره وعقب التّعب ماجور
رجع وبرجعته عمّ السلام وغطرفت غاده
د. غسان الحسن استلم دفة الحديث ليؤكد أن في النص تبايناً في المستوى، إذ كان الشعر وخصوصاً في البداية في أرفع أساليبه، والمسألة الأخرى التي أشار إليها د. غسان هي تكرار مفردة (هنا) التي أتت في أربعة مواضع، (هنا الشعر الحقيقي)، (هنا نشطب ملامحنا)، (هنا يتفاخر الحرف)، (هنا خمسة عشر كوكباً)، لكنها في كل موضع جاءت لتدل على زمن، الزمن المطلق، الماضي، الآن، والماضي المستمر، أو لتدل على المكان، وقد وظف الشاعر المفردة بشكلٍ راقٍ.
كما أشاد د. الحسن بالجملة الشعرية في البيت (أنا الثاير شعور اللي بنى فوق الظروف جسور/ تعدّا الحاجزين وكل ماله يقرّب زياده)، وأبدى كذلك إعجابه بالشطر الثاني من البيت (هنا خمسة عشر كوكب على شمس المصير تدور/ أياديهم تصافح بعضها والنار وقّاده)، وبالبيت (يحل الصعب ويفك العقد ويجبر المكسور/ ومن عانده في فكره بفكره يكسر عناده).
سلطان العميمي أشار إلى حضور الشاعر الذي كان ملفتاً، وإلى مقدمة القصيدة التي كانت الشاعرية فيها مرتفعة جداً، وامتدت على مدى ستة أبيات، معتبراً أنها تمثل بالنسبة له قصيدة كاملة، ولفت العميمي إلى أن الشاعر انتقل من الإشارة إلى صوت الذات، إلى الإشارة للشعراء، وكذلك إلى خصوصية التجربة معهم في المسابقة، أما التكثيف الشعري فقد كان حاضراً جداً في النص، ومن جملة ما أشار إليه العميمي في النص وجود ثلاث حالات، صوت الشاعر، صوت الشعراء، وصوت المواطن الكويتي الذي عبر عن حب الوطن، وأمير البلاد، وهو ما أعطى للنص جمالية أخرى.
حمد السعيد بدأ من نهاية النص الذي فاض بالحس الوطني، وهو ما اعتاده الشاعر في كل القصائد التي ألقاها خلال مراحل المسابقة، ثم انتقل السعيد إلى مدخل النص الذي وصفه بأنه كان جميلاً جداً، وإلى دقة التصوير ووضوح الصور، مؤكداً على جمال ذات البيت الذي أشار إليه د. الحسن (هنا خمسة عشر كوكب على شمس المصير تدور)، وإلى ما جاء في الجزء الأخير من النص (ثلاثة ابراجها)، (صباح الأحمد)، (يلبس عاتق التاريخ).
محطة للعشق
عبدالله الهذّال كان ثاني شعراء الحلقة، وقد ألقى قصيدة (البعد الرابع للرؤية) الغزلية، مهدياً إياها للناقد د. غسان الحسن الذي كان قد نوّه في حلقة سابقة إلى أن الشاعر لم يأتِ بالغزل بعد، لكنه في هذه المرة جاء بلب الغزل من خلال القصيدة التي قال الهذّال في مطلعها:
من دخلتي لعالمنا برجلينك
صارت الأرض مسرح للخياليّه
وقّف الوقت رجله من لمح عينك
ارتبك راح يرجع بانسيابيّه
وانسكاب المياه يرد من حينك
والكلام خطاوي الناس عكسيّه
وأردف في بيتين آخرين:
كيف أشوفك وأراقب كيف تكوينك
من تجلّيتي برحم الشفافيّه
لين أينع جمالك واختمر زينك
بين عشب الرّياض وسجع قمريّه
ثم قال الهذّال في ختام القصيدة التي جاءت أقل مستوى وجمالاً من أبيات المطلع كما أشار أعضاء لجنة التحكيم:
غلّف احساسك وعينه لغصنينك
ولا قطف تينك يغني وداعيّه
عاد لا من طعن ظهرك بسكينك
لتّباكين بدموع المثاليّه
هوّ خانك وخنتي أهلك ودينك
من غويتي معاه بكل أنانيّه
والشاعر مثلما علّق سلطان العميمي مبدع كعادته، وألقى القصيدة جميلة تحمل أسلوب الهذّال وصنعته الشعرية، ورغم أن النص تضمن مبالغات شعرية إلا أنها كانت محببة وقريبة من القلب، وفي أول ثلاثة أبيات كانت هناك حركة سينمائية واضحة، في حين جاء بناء النص محكماً جداً، وخصوصاً حين الانتقال من بيت إلى آخر، وإذ لا فجوات بين الأبيات.
وفي القصيدة جمال متناثر من أول بيت حتى آخر بيت؛ مثلما قال حمد السعيد، حيث اتضحت التسلسل والصور، بالإضافة إلى الجرأة في الطرح، مؤكداً على أن الهذّال هو شاعر الحضور المميز.
من جهته أكد د. غسان الحسن أن قصيدة الهذّال كانت رائعة، فهو كسر حاجز الوعي وذهب إلى اللاوعي؛ فجاء بقصيدة من عالم الحلم والسحر وألف ليلة وليلة، وحملها بأجواء سحرية وشاعرية، وهذا يعجز عنه أغلبية الشعراء، كما أتى الشاعر بصور كثيرة، وأضاف د. غسان: (أحياناً قد ننسب ما في النص إلى اللاوعي والشاعرية العليا، لكني أنبّهك من الحشو، أما في الإلقاء فقد أعطيتني ذات الجو، فكنت جيداً فيه)، ثم نوّه د. الحسن إلى أن الشاعر في أبياته الأخيرة نزل إلى الوعي، وبالتالي ما كان يجب أن يلحقها بالقصيدة.
تاريخ السلطنة في قصيدة
(سيرة على لسان التاريخ) هو عنوان النص الذي ألقاه كامل ناصر البطحري، وبسببه تألق وحصل على أعلى درجات لجنة التحكيم، وقد قال في مطلع النص الذي وصفه الناقد حمد السعيد بأنه من أجمل النصوص التي قيلت في سلطنة عمان:
قبض إيدي التاريخ بايده وقال الآن
أبشوّفك فرحة وطن شاف سلطانه
برع فجر نوفمبر وغنت له الأغصان
وسنة أربعين تميل بالطبل طربانه
وبحر العرب لملم بحضنه خليج عمان
وجر السحب العازي وهلّ ودّانه
وحمران غمزة عين اهدت جبل سمحان
وسمحان بخّر هرمز بريحة لُبانه
وفي الحديث عن علم جلالة السلطان قابوس قال:
تغرّب وحطّ العلم في غربته نيشان
وتخرج ملازم ثاني وصاب نيشانه
وناديت عمان لرجعته واطلق الجنحان
رجع يحمل آمال الوطن وسط اعيانه
ثم ذهب البطحري إلى وصف سياسة حاكم السلطنة بقوله:
تغازل بيوت الطين في داره العمران
حشمها ولا صاحت له بيوم منهانه
سياسته ما تتدخل ف باقي الأوطان
ويعزف باوتار السلام اعذب ألحانه
لقابوس سيرة شوفها في جبين عمان
كذا قالها التاريخ صحّ الله لسانه
ومما قاله حمد السعيد في وصف البطحري أن حسه الوطني حاضر في نصه الذي يحمل صوراً شعرية ومشاعر صادقة، منوّهاً إلى وجوب تدريس ذلك النص في المدارس لأنه يتحدث عن تكوين سلطنة عمان ونشأة السلطان.
د. غسان الحسن وجد أيضاً أن النص جميل جداً، وكل كلمة فيه مقصودة، ومن خلال المتابعة نجد أن لا حشو فيه، أما العنوان فهو حقيقي لمن يريد النظر إلى البناء الموضوعي المحكم والجميل في ما يخص سير عملية البناء، وقد جاء سياق النص على لسان الراوي إلى أن وصل إلى البيت الأخير حيث ظهرت شخصية الشاعر الذي استخدم مفردة تدل على خصوصية الموضوع، فالنص يُظهر مباشرة أن البطحري يتحدث عن سلطنة عمان، وهو الذي ذكر أكثر من خمسة فنون موجودة في السلطنة، ومفردات تدل على جغرافية عمان، تلك المفردات التي جاء بها الشاعر في مكانها، فطرزت النص بالجمال.
سلطان العميمي أثنى على القصيدة، وقال إنها من القصائد القليلة التي تم توظيف القناع فيها بصورة ذكية، فنطق التاريخ بما يريد الشاعر الذي أنسن الجمادات، وهذا ما اتضح من خلال عدة مفردات مثل (قبض إيدي التاريخ)، (بحر العرب لملم)، (جر السحب العازي)، والقصيدة من حيث البناء كانت متماسكة جداً، وكأنما خُلقت كتلة واحدة، أما الممدوح فيحمل الكثير من الخصوصية، وهو ما يضاف إلى الخصوصيات الموجودة في القصيدة، وكان وصف شخصية الممدوح بعيداً عن العمومية، فذهب الشاعر للحديث عن شخص بعينه، وهذا يحسب لتلك القصيدة الجميلة، ولشاعرها صاحب الحضور المميز.
ملامح المجد
حتى في القصيدة التي ألقاها مِذْكِر الحارثي ليلة أمس حافظ فيها على مستواه الشعري، أما أداءه فقد ارتقى أكثر، وبانت ثقته بذاته، وقد قال مِذْكِر في فاتحة قصيدته:
ملامح المجد نظرتها تعسف العناد
وأحلامي اقدمها ما ملّت من المسير
والصّبر صافح طموحي يوم شعري بلاد
يضمّني في ربوعه واكتب بلا خشير
والفرصه اللي لهبها يوم جيته رماد
ما ثقلت خطوة عزومي وحظي فقير
ثم عاد الشاعر متحدثاً عن ذاته:
يقنّد البن راسي بس روح القناد
لا عانق الليل صدري وانتدبت المثير
الافكار واجد ولا قلطت غير الجداد
وبسطت الابداع في قاع المسامع حصير
ليختم ببيتين يصف فيهما حبه للإمارات ولتاريخها:
وخطّيت عهدي على قصر الحصن بالمداد
اللي بقى للأصاله في زمنّا سفير
الشامخ اللي حفظ تاريخ حآفل وشاد
يا مجد الاجداد في وجه الزّمان العسير
مسيرة مِذْكِر خلال المسابقة - حسب د. غسان الحسن - جميلة، وهو من خلال نصه هذا يحافظ على ذات مستواه الجيد، ما يدل على شاعرية متمكنة.
وقد جاء نص مِذْكِر كثيفاً جداً من حيث البناء، وكل كلمة تؤدي المعنى المطلوب، أما الحشو فهو نادر، وكانت لكل كلمة وظيفة، وأوضح د. غسان أن النص انقسم للشعر وللمسابقة، ثم لمديح الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، ومن ثم للحديث عن قصر الحصن باعتباره أحد الملامح التاريخية لإمارة أبوظبي، مشيراً في سياق رأيه النقدي إلى البيت (جيتك غلا ووالولا بين الملا لك يقاد/ واللي عسفته من اشعاري قليل الكثير)، وإلى إدراك الوزن، وذهاب الشاعر إلى التقسيم الذي تتبّع فيه التفعيلات، بالإضافة إلى إيجاد علاقات السجع في الفواصل الموجودة في النص، وهو ما يسمى الترصيع، وعلاوة على ذلك الجمال، كان هناك إدراك للموسيقى، فلم يترك الشاعر جهة إلا واستعار منها ما يجمّل نصه.
لكن د. غسان علّق على البيت )يا حظ من كنت له يوم الملاقى سناد/ ويا سعد من كنت له وقت الشدايد نصير) قائلاً أن المعنى في الشطرين لم يختلفا كثيراً.
مِذْكِر كعادته في بناء النص – كما أشار الناقد سلطان العميمي - يستغرق في المقدمة بأبيات عديدة، وفيما قدمه ليلة أمس زاد العدد عن نصف عدد أبيات كامل النص الذي وجد العميمي أنه جاء منساباً، وحمل تصويراً شعرياً فيه خصوصية تحسب للشاعر، كما في النص تنوعاً في صياغات الجمل الشعرية، وفيه أنسنة، ومحسنات بديعية، أما خصوصية البيئة فقد كانت واضحة، سواء تمثّلت بالحديث عن الممدوح، أو بوصف ملامح من إمارة أبوظبي، إلى جانب عناصر بيئية أخرى.
مِذْكِر كان متفرداً بالجمال رغم صغر سنه وحداثة تجربته الشعرية - مثلما قال الناقد حمد السعيد -، حيث غرد خارج السرب، أما البيت الذي قال فيه (أيقنت بان الصبر ينبت بكفه حصاد/ وان الثمر قبل وقته يا زماني مرير) فهو لافت وهام وجميل.
رحلة شعر وفكر
مستور الذويبي العتيبي آخر شعراء الحلقة، وهو الذي قدم (رحلة العساس) التي تحدث فيه عن التطرّف، إذ قال في الأبيات الأربعة الأولى:
رمقت النجوم وحن باقصى الحشا هوجاس
يعاتب وراك تجيبني ما تودّيني
شعوري شريكك باحتضارك على القرطاس
ولسانك على صدر المجالس معدّيني
وهو قالها وانا من الضيق جيت اقواس
عليها بدايات انفعالي تهدّيني
واخذت الحطب والبن والهيل والمحماس
على قرب صبح من نداته يندّيني
وأضاف:
تهز الغصون ويمتلي بالحنين الكاس
وانا قول صبي من حنينك ومدّيني
وابادلك سجعك واطرق الجانب الحساس
وعن اسرار تغيير المفاهيم بدّيني
عن اللي ناوا مستسهلين العبث بالساس
من الموقف الفكري إلى الموقف الدّيني
ليختم بعد ذلك بالبيتين:
وطن لو كتبته فاض حبه مع الانفاس
احبه وهو وافي معي ما يردّيني
يكفيه فخر انه منارة هدى للناس
ليا غبت يمّه طير شوقي يودّيني
سلطان العميمي قال إن النص مليء بالخبرة، ما جعل حضور الشاعر جميلاً، فالنص من العيار الثقيل، وفيه تم المزج بين الذات والفكرة من خلال سيناريو متميز، وقد تمنى العميمي لو أن النص لم ينتهِ لجماله وسلاسته، ولقافيته التي التزم فيها الشاعر من دون أن يقع في فخ الحشو أو عسف للصور، والتي جاءت جميلة على الرغم من صعوبة القافية.
حمد السعيد أبدى كذلك إعجابه بنص الذويبي، وبدخوله الذكي في عتاب الوطن (رمقت النجوم وحن باقصى الحشا هوجاس/ يعاتب وراك تجيبني ما تودّيني)، إذ وصف التهيئة بأنها كانت جميلة، ليدخل الشاعر بعدها في صلب الموضوع والحديث عن التطرف، والنص بعمومه جميل جداً، ما يؤكد أن مستور شاعر متمكّن جاء بصور جميلة جداً.
د. غسان الحسن أكد على جمال القصيدة، فالتصوير الشعري ومنذ بداية مطلعها ينقل المتلقي إلى أجواء شاعرية بعيدة عن المباشرة، وهنا مستوى كاملاً من الشاعرية، كما أعجب د. غسان بالانتقالات الجميلة بين المعاني والفقرات.
لكن الدكتور علّق على القافية الأخيرة في القصيدة، إذ لجأ فيها الشاعر فيها إلى التزام ما لا يلزم، أي أنه التزم بستة أحرف، الشدة وهي عبارة عن حرفين، والياء الممدودة، ثم حرف النون المكسور، وأخيراً حرف الياء، ومع ذلك لم يهتز الشاعر أو يرتبك أو يتحايل، إنما جاءت قصيدته كثيفة جداً، وجميلة جداً.
غزل وتقييم أداء
مع المعيار الثاني المتمثل بوجوب إلقاء الشعراء خمسة أبيات موضوعها الغزل، على أن تكون مكتملة الفكرة، فقط تقدم الشعراء ليلة أمس وألقوا ما أبدعوه من أبيات حازت على إعجاب أعضاء اللجنة، لولا أن قليلهم تطرّف في المعنى، فخشيت اللجنة من لمس الخط الأحمر، لأنهم بدوا وكأنهم متعطشون للغزل، وغير ذلك كان الشعراء على مستوى شعري جميل فأبدعوا، وبدوا.
د. ناديا بوهنّاد وصفت الحلقة بأنها نارية، وأن التنافس كان واضحاً بين الشعراء الذين تابعتهم:
أحمد المجاحمة: جذب الجمهور، وحضوره كان جيداً، وأداءه المتميز برز من خلال صوته الووالصوت عالي، وكان المجاحمة الذي أظهر (الأنا) ليلة أمس مرتاحاً أمام اللجنة ومتفاعلاً معها.
عبدالله الهذّال: كان أداءه ممتازاً، وأفضل من المرحلة الثانية، حيث بدا حضوره جيداً، وكان مبدعاً، أمتع المتلقين، كما تفاعل مع النص، إذ جاءت حركاته متناسقة مع الكلمات.
كامل البطحري: كان أفضل من المرحلتين السابقتين، ظهر متماسكاً ورائعاً وهو صاحب الأداء المتوازن والرائع والحضور القوي، خاصة وأنه غيّر من النمط الذي عوّد المتلقي عليه، كما أبدى ثقة وراحة مع اللجنة.
مِذْكِر الحارثي: دخل بقوة وبثقة، جذب الجمهور بتعبيراته الجسدية ونبرة صوته، وقد ألقى نصه بثقة، وتفاعَل مع اللجنة، ما يؤكد أنه تطوّر عن المرحلتين السابقتين.
مستور الذويبي: دخل بحماس، كان رائعاً في طريقة الإلقاء التي تناسبت مع النص، كما ركز مع اللجنة، ما يثبت أنه كان قوياً، وأفضل من المرحلتين السابقتين.
وإلى الحلقة القادمة التي ستضم بدر بندر/ الكويت، عبدالله المطيري/ السعودية، علي القحطاني/ الإمارات، محمد العرجاني/ البحرين، هلال بن صلفيج/ العراق؛ سينتظر شعراء حلقة ليلة أمس الذين لم يحالفهم الحظ، حيث أن نتيجة التصويت عبر رسائل الـSMS ستحسم النتيجة لصالح شاعر واحد فقط، حيث سيتأهل للمرحلة النهائية شاعرين عن كل حلقة، أحدهما تأهله اللجنة في يوم بث الحلقة، والآخر يؤهله الجمهور بعد أسبوع من الانتظار، ليتأهل من أصل 15 شاعراً ستة شعراء فقط يتنافسون على البيرق واللقب والخمسة ملايين درهم.
الجدير بالذكر أن مسابقة "شاعر المليون" التي تنظمها وتنتجها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، تحظى منذ انطلاقها عام 2006 وحتى هذا الموسم السادس بجماهيرية كبيرة، وبمتابعة واسعة، وباهتمام إعلامي لافت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق