الخميس، 1 مايو 2014

في نيسان غيّر نزار عنوان إقامته.. مستغانمي والحصني يستذكران نزار قباني

 في نيسان  غيّر نزار عنوان إقامته.. مستغانمي والحصني يستذكران نزار قباني

ومنقول / زياد ميمان 

هو القباني الذي رحل ، هو شاعر الياسمين ، تمر ذكرى رحيله قاسية ، وهي غمامة حزن على قلوب محبيه وهم يستذكرونه في هذا اليوم ، نزار شاعر أحب الشام وأحب الشعر وأطلق له العنان ليصل به إلى أصقاع الأرض فلا تجد شاب أو فتاة لا يحفظ شعرا لنزار ،

وفي هذا اليوم نثر مبدعون كلمات بوح على صفحاتهم بالفيس بوك عبروا فيها عن مدى صدق مشاعرهم تجاه هذا الشاعر الكبير فكتبت

الروائية أحلام مستغانمي : في نيسان غيَّر نزار عنوان إقامته .

الروائية أحلام مستغانمي كلمات عن مشهد من حياتها مع نزار قباني فقالت :في نيسان غيَّر نزار عنوان إقامته .

لا يليق نيسان بنوم الشُعراء .

رحيل نزار في آخر يوم من نيسان ، أسوأ تقويمٍ عاطفي اخترعته الطبيعة ، لتؤرّخ لموت شاعر نذر حياته لتمجيد نيسان ، و عشقاً لوجع النهايات الربيعيّة . هو الذي كان ينادي على حبيبته مغازلاً :

" عصفورة قلبي.. نيساني " أكان يُنادي موته ؟

في غرابة هذه المصادفة ، شيء من سخرية القدر ، الشبيهة بموت الممثلة اليونانية لينا ميركوري بطلة الفيلم الشهير " إلاّ يوم الأحد " ذات أحد .

مازلت لا أصدّق أن نزار يسكن منذ سنوات مناطق منزوعة الشهوات ، وأنه اختار نيسان بالذات ليغيّر عنوان إقامته ، برغم العلاقات السيئة التي أقامها مع الموت ، الذي كان يبتاغه كلّ مرة خاطفاً منه أحبّ الناس اليه . كان فيما يخصّه ، يتصرّف وكأنّه ليس معنياً تمامًا بذلك الحدث الجلل . وهو ما حيّرني ، فما كان يبدو عليه أنه يشاركني هاجسي ، و ذعري الدائم مما سأتركه خلفي غير منجز عند رحيلي . . إلى أن غيّره المرض .

حدث ذلك عندما وقع في المصعد . أذكر أنه قال لي " هذا العظم شغلة تعيسة.. وقعة الأسانسير ماتصوّرتها صعبة الى هذا الحد ! " . لاحقاً ، قال كمن يبشّرني ، أنّ بإمكانه الذهاب الآن مرتاحاً إلى المستشفى ، فقد أرسل ما على طاولته من كتابات الى ناشره الدكتور سهيل ادريس . أدركت أنه دون أن يعترف بذلك بدأ يستعد لكلّ الإحتمالات

لقد بدأ نزار يشكو بإلحاح من خاصرته . و دخل المستشفى ليخرج منه للمرّة الأولى عجوزاً يتكىء على عصا ، و كان في هذا الأمر إهانة لا لرجولته و أناقته ، و إنما قبل هذا لقامته الشعريّة ، فقد كان نزار حيث خطا يخطو معه الشعر ، و كان تعيساً لأنه بعد الآن أصبح يمشي " مُتكئاً على الجُمل " بعد أن كان الشعر هو الذي يتكئ عليه.

نزار لم يُفرّق يوماً بين الشعر و قائله ، ولا بين جسد الشاعر و جسد كلماته ، كان يعتبر كلّ وعكة صحيّة وعكة شعريّة ، لذا تواطأ جسده مع نصّه ، محاولاً بكمياء الكبرياء الطاغية في جيناته ، أن يحافظ على خيلاء الشعر و عنفوانه ، مكابراً في مشيته ، كما في جلسته و طلّته. وعندما هزمه المرض ، راح يُخفي عن الأنظار جسده ، و كأنه يخفي عن الآخرين نصاً شعرياً هو غير راضٍ عنه ، ولا يليق به .

في آخر أيامه ، لاذ بابنته هدباء كي تحميه حتى من عيون محبّيه " احميني يا ابنتي ! " . كان هذا الرجاء هو ما أبكاني عندما سمعته منها رحمها الله .

احترمت حياءه . فمنذ الأزل " العصافير تختبىء لتموت " . لم أسافر الى لندن لأراه ، اكتفيت بإرسال سلّة وردٍ تنوب عنّي لديه ، كنت أدري أنه لن يرها . لذا سعدت حين بلغني أنه عاد من غيبوبته الطويلة إلى الحياة . . وقرأ رسالتي إليه...

ثم حدث بعد غيبوبة دامت ثلاثة أشهر ، أن طلبني ذات يوم ليطمئن عليَّ ، كما لو كان يتبرّأ من شائعة موته . لصاعقة المفاجأة ، و لفرط حماقتي صدّقته ، و انشغلت عنه دون أن أنسى أنه قد يكون عاد ليختبرنا لا أكثر ، كما دخل تلك الغيبوبة ليختبر بالموت حبّنا له ، فلقد ظلّ يقيس بمقياس ريختر للألم ، درجة الهزّة التي سيتركها فينا غيابه .نزار الذي أنهى حياة ناريّة ، بطلب كوب من الماء ، من ابنته هدباء ، ووضع حدّاً لشلال عمرٍ من الكلمات التي " لم تكن كالكلمات " بقول كلمة فائقة التهذيب " شكراً " ، و أغمض عينيه ليتركنا مذهولين . ألهذا الحدّ كان ظمِأً لشيء لم نعرف أن نعطيه إياه .هل أكثر الكلمات وجعاً ، هي تلك الصغيرة العاديّة ، التي تشبهنا الأكثر و ننفضح بها لحظة الفراق الأخير . لمن قال الشاعر الفائق التهذيب " شكراً " ؟ للحياة ؟ أم للشعر ؟ لمن أحبّوه ؟ أم لمن أحبّ ؟ للذين خذلوه..أم للذين كانوا دقيقين في وفائهم كما الموت ؟ .وماذا لو كان قد قالها للموت . الموت الذي أنقذ قامته الشعرية من مهانة المرض .نزار الذي علّمنا التهذيب في الموت . لم يترك لنا شيئاً نودّعه به غير " شكراً ". أعني : " شكراً.. لطوق الياسمين أيها الشاعر الجميل ".

عبد القادر الحصني :وأطل من عليا البيوت بها فتى

وكتب الشاعر عبد القادر الحصني كلمات في ذكرى رحيل نزار فقال :

وأطلَّ من عليا البيوت بها فتى

خيَّـلتُـه مُـلقـى عـليـه إهـابُـها


شربتْ ملامحُه الجمالَ بكأسها

ورقى الشعورُ, فمرتقاه حَبابُـها


حتى استوى شعراً, تقطّر فوق ما

حلمتْ دوالٍ, واشـتهتْ أعنابُـها


شعراً هو السحرُ العجيبُ, إذا عرا

نفساً, فما تدري الذي ينـتـابُها


حليتْ قصائدهُ, كأنّ غيومَها

بلمى الشموس مذهّبٌ تسكابُها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق